مراجعة كتاب شمس المعارف الكبرى

مراجعة كتاب شمس المعارف الكبرى

نستهل هذا المقال بتحذير صريح حول خطورة “كتاب شمس المعارف الكبرى”، مع تنويه أن محتواه يرتبط بالسحر والشعوذة، حتى لو كان مشوهاً أو محرفاً. نوضح أن قراءة هذا النوع من الكتب تدخل في نطاق المحرمات، ولا ينبغي تداوله أو الاطلاع عليه.

على مر التاريخ، كان البشر مهووسين بفكرة السيطرة على القوى الخفية، واستخدموا السحر كوسيلة لفهم المجهول وتغيير الأقدار. “شمس المعارف” تميز بكونه واحداً من أكثر الكتب شهرة وإثارة للجدل في التراث العربي، لما يحمله من طلاسم وتعويذات رمزية.

شهرته كعالم دين، انزوى في آخر حياته بين كتب السحر والممارسات الغريبة، حيث قيل إنه تواصل مع الحروف والأرقام لاكتشاف أسرار خفية.

بعد وفاة البوني بأكثر من خمسة قرون، ظهر “شمس المعارف” في بيروت عام 1985 بجهود عبد القادر الحسيني، الذي جمع مخطوطات قديمة ونسبها للبوني. اللافت أن الكتاب ظل مختفياً لعقود طويلة قبل أن يعاد تجميعه وطباعته، مما أضفى عليه هالة من الغموض.

عبد القادر الحسيني لعب دورًا محوريًا في إعادة إحياء كتاب شمس المعارف الكبرى، رغم أن اسمه قد يكون غير معروف لعامة الناس مقارنة باسم أحمد بن علي البوني. لكن ظهوره في القصة كان هو السبب الرئيسي في إشهار الكتاب مجددًا بعد قرون من النسيان.

أبرز أدوار عبد القادر الحسيني:

  1. جمع المخطوطات المتناثرة: في عام 1895 قام الحسيني بجمع مجموعة من المخطوطات القديمة التي كانت متناثرة وغير مكتملة، ونسبها إلى أحمد بن علي البوني. هذا الربط لم يكن مثبتًا علميًا أو تاريخيًا، لكنه اعتمد على ما سماه الحسيني “ضمانته الشخصية”.
  2. إضافة فصول جديدة: لم يكتف الحسيني بجمع المخطوطات، بل أضاف إليها أربعة فصول من تأليفه الشخصي. هذه الفصول لعبت دورًا خطيرًا لأنها رسخت الربط بين الكتاب والجن والسحر بشكل واضح وصريح.
  3. نشر النسخة الحديثة: بعد حوالي 100 عام من جمع المخطوطات، ظهرت النسخة المطبوعة من الكتاب في المكتبة الشعبية ببيروت عام 1985. هذه النسخة كانت السبب في إعادة انتشار الكتاب على نطاق واسع، مما جعله محط جدل واسع في العالم العربي.

الأثر طويل الأمد: بسبب الحسيني، تحول “شمس المعارف” من نصوص شبه منسية في بطون المخطوطات إلى كتاب متداول ومثير للجدل في العصر الحديث. يمكن القول إن الحسيني أعاد صياغة صورة البوني والكتاب بما يخدم شغف الناس بالغموض والسحر.

يحتوي الكتاب على 577 صفحة موزعة على 40 فصلاً، مليئة بالرموز، الطلاسم، وتفسيرات للأبجدية العربية وأسرار الأرقام. المثير أن كثيراً من هذه الطلاسم يدّعي استخدامها في الخير كحماية البيوت وزيادة الرزق، لكنها في الوقت نفسه تتضمن طرقاً للإيذاء واستغلال القوى الخفية.

رمزية الحروف والأرقام كانت من العوامل الأساسية التي جعلت كتاب شمس المعارف الكبرى ينتشر بين الناس ويكتسب سمعته الغامضة والمثيرة. في الثقافة العربية والإسلامية، هناك تقديس خاص للحروف الأبجدية وأسماء الله الحسنى، وهذا ما استغله مؤلف الكتاب أو من نسبه للبوني.

العناصر التي عززت شعبية الكتاب:

  1. الربط بالأقداس: الكاتب استخدم الحروف والأرقام وربطها بآيات من القرآن وأسماء الأنبياء وأسماء الله الحسنى، مما أعطى انطباعًا كاذبًا بأن محتواه جزء من علوم الشريعة أو التصوف العميق.
  2. التفسيرات الباطنية: كل حرف في الكتاب لم يكن مجرد رمز لغوي، بل أعطي له معنى باطني وسر خفي، مثل ربط حرف الدال بصفة “الدوام” و”البقاء”، ما جعل القارئ يشعر وكأنه يكشف أسرارًا كونية.
  3. الاستخدام العملي للطلاسم: الكتاب لم يقدم معلومات نظرية فقط، بل شرح كيفية استخدام الحروف والأرقام في طلاسم تعِد بالحماية من الشر، زيادة الرزق، والشفاء. هذا الجانب العملي جعل الناس يقبلون عليه من باب التجريب أو بدافع الفضول.

التأثير العاطفي: هذا التلاعب الذكي بالرموز منح الكتاب هالة من الغموض والرهبة، حيث أصبح يُنظر إليه ككنز من الأسرار التي قد تمنح القارئ قوة خارقة أو معرفة غيبية، خاصة في مجتمعات تميل بطبعها لتقديس الرموز الدينية والباطنية.

رغم أن الكتاب يبدأ برسالة تحذيرية من الكاتب نفسه حول خطورة استخدام محتواه من قبل غير المختصين، إلا أن استخدام آيات من القرآن الكريم وأسماء الله الحسنى بشكل محرف دفع العديد إلى الوقوع في فخ الاعتقاد بأنه كتاب خير لا شر.

بداية من الفصل السابع، يتخذ الكتاب منحى أكثر خطورة وغموضاً، حيث يتحدث عن أسماء مزعومة كان النبي عيسى يستخدمها لإحياء الموتى، وأسرار مرتبطة بعصا موسى. لاحقاً، يستعرض الكتاب كيف يتم تسخير أسماء الله الحسنى والأنبياء بطرق تحريفية في طلاسم وأعمال شعوذة.

الفصل السابع في كتاب شمس المعارف الكبرى يمثل نقطة تحول خطيرة لأن محتواه ينقل القارئ من الطلاسم الرمزية البسيطة إلى عوالم أكثر غموضاً وإثارة للشبهات. بينما الفصول السابقة كانت تتحدث عن أسرار الحروف والأرقام وربطها بحماية البيوت أو زيادة الرزق، الفصل السابع بدأ يتناول موضوعات تتعلق بإحياء الموتى و”الأسماء التي كان النبي عيسى يستخدمها” بحسب ادعاءات الكاتب.

أسباب خطورة الفصل السابع:

  1. التجاوز على العقائد الدينية: الحديث عن إحياء الموتى وارتباط هذه القدرات بطرق سحرية مموهة بالرموز هو تجاوز واضح على المعتقدات الإسلامية.
  2. فك شفرات رمزية بمقاصد مشبوهة: الفصل يحتوي على رموز قيل إنها كانت مكتوبة على عصا موسى، وطرق فكها تتجاوز حدود العلم الشرعي لتدخل في نطاق الشعوذة المحرفة.
  3. بداية التلاعب المباشر بالنصوص المقدسة: في هذا الفصل يبدأ الكاتب بإدخال آيات قرآنية وأسماء حسنى في سياقات سحرية وطلاسمية بحتة، ما يجعل محتواه خطيرًا فكريًا وعقديًا.

النقلة في النبرة: الفصول الأولى يمكن أن تُفهم على أنها تفسيرات باطنية أو فلسفية حول الحروف والأرقام، لكن من الفصل السابع تبدأ النبرة تتجه بوضوح إلى التسخير والإيذاء والشعوذة الصريحة، مما يجعل هذا الفصل نقطة فاصلة في مسار الكتاب من الفضول العلمي إلى منطقة المحرمات.

يستعرض الكتاب نظرية الأخلاط الأربعة (الدم، البلغم، الصفراء، السوداء) ويعيد تفسيرها بربطها بالعناصر الطبيعية (ماء، نار، هواء، تراب). هذه الفلسفة تم استخدامها كأساس لطرق تسخير القوى الكونية في الخير والشر.

رغم أن كثيراً من محتوى الكتاب يشبه ما يتم تداوله اليوم في صفحات الأبراج والتنجيم، إلا أن طبيعته التحريفية والتلاعب بالمقدسات جعله مصدراً لجدل واسع، وأداة استخدمها البعض في ممارسات أضرت بغيرهم.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

WhatsApp
Copy link
URL has been copied successfully!