ملخص كتاب الحب القديم | مصطفى محمود رحمه الله

ملخص كتاب الحب القديم | مصطفى محمود رحمه الله

يطرح هذا الكتاب رؤية عميقة ومغايرة لمفهوم “الدين”، بعيداً عن كونه مجرد مجموعة من الأوامر والنواهي أو لوائح العقاب والثواب. الدين في جوهره هو “الحب القديم”؛ ذلك الحنين الفطري الذي يملأ شغاف القلب نحو الوطن الأصلي والنبع الأزلي الذي صدرت عنه الروح . هذا الشوق الدائم إلى الذات العليا هو الأصل، أما العبادات والأحكام والشرائع فليست سوى تفاصيل ونتائج تابعة لهذا الحب .

جوهر الدين: الحب في مواجهة القشور

لا قيمة للعبادات والطاعات إذا غاب هذا الحب الأصيل . فالقلوب هي موضع الامتحان الحقيقي ، وبدون هذا الحب، يتحول التدين إلى مجرد طقوس فارغة. يُستشهد على ذلك بالصليبيين، وسفاحي الصرب، وإرهابيي اليوم؛ فكل هؤلاء، وإن صلّوا وصاموا، لا يبلغون من الدين شيئاً لأن قلوبهم خلت من الرحمة والحنان .

ينتقد النص بشدة حالة “التدين اليوم” الذي انحرف عن روحه بسبب إغراق الدعاة وأتباعهم في القشور والتفاصيل والخلافيات الثانوية . هذا الانشغال بالظواهر أدى إلى تدين سطحي مهووس خلق الذرائع للتعصب والإرهاب.

إن جوهر الإسلام، كما لخصه النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أبسط من ذلك بكثير: “قل لا إله إلا الله ثم استقم” . الاستقامة هنا تعني مكارم الأخلاق ، فالدين هو أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك ، وأن ينام الإنسان بنية صافية محبة للخير .

الشريعة وروح القانون

لا يجب التعامل مع أحكام الشريعة كقوالب جامدة. الشرائع وُضعت لتنظيم شئون الدنيا وإقامة المصالح ، وسوف يتوقف عملها في الآخرة . لذلك، يجب فهم روح النصوص وليس الوقوف عند حروفها .

الرحمة أولاً: كما أن المسيحيين لم يطبقوا حرفياً نصوصاً مثل “إن أعثرتك يدك فاقطعها” وفهموها بروح المحبة، كذلك يجب فهم الإسلام الذي أوله رحمة وأوسطه محبة وآخره حمد .

فقه المصلحة: يُستشهد بالفقيه العز بن عبد السلام الذي أفتى بعدم تطبيق حد الخمر على عسكر التتار، لأن سكرهم كان يكف شرهم عن الناس، وفي إفاقتهم مفسدة أعظم .

تطبيق الحدود اليوم: من الظلم الفاحش تطبيق الحدود (مثل قطع يد السارق) في عصر شاع فيه الفساد (شيوع البلوى) . فالكبير الذي يسرق الملايين ينجو، بينما يُعاقب النشال الذي يسرق الجنيهات .

المسلمون في الخندق: أزمة الوجود

ينتقل الكتاب من التنظير الفلسفي إلى الواقع الجيوسياسي المؤلم، محدداً مأساة المسلمين في عصرهم.

1. مأساة البوسنة وانقسام المسلمين

تُعد مأساة مسلمي البوسنة (مسلمى البوسنة) دليلاً صارخاً على هذا الواقع . ففي حين يُحاصر المسلمون بالرصاص والجوع، يقوم “الحلفاء” الأوروبيون والأمريكيون بتكتيف أيدي الضحايا ومنع السلاح عنهم، وإضفاء الشرعية على ما فعله المعتدون .

في المقابل، يغرق المسلمون في خلافاتهم التافهة:

  • الانقسام بين سنة وشيعة .
  • الجدل حول ماء الوضوء، والنقاب مقابل الحجاب، واللحية مقابل الجلباب .
  • الخلاف حول أمور ثانوية كالبنوك والتصوير والغناء .

يُوجه نداء حاد لـ 47 دولة إسلامية التي تتفرق بها السبل بعد الصلاة، فمنهم من كعبته واشنطن، ومنهم من كعبته باريس، أو صندوق النقد الدولي، أو الـ CIA . هذا التفرق هو الذي مكّن لإسرائيل أن تخطط لإقامة “دولتها الكبرى” على أكتاف عداواتهم .

2. سقوط السوفييت وآية “اللطيف”

يُقدم انهيار الاتحاد السوفيتي كمعجزة إلهية . هذا النظام الحديدي الذي صعد للفضاء وامتلك أعتى الأسلحة ، انهار فجأة “بلا حرب وبلا ضرب” . كان ذلك تجلياً لاسم الله “اللطيف” ، الذي يحقق مراده في خفاء وبلا جلبة، بل وأحياناً “بأيدى أعدائه” . لقد ظن جورباتشوف أنه يصلح الشيوعية، فكان هو نفسه أداة هدمها ، لأن الحرية التي نادى بها لا تجتمع مع القمع الذي كان المادة اللاصقة الوحيدة للنظام .

3. خطأ الإسلاميين

يُوجه نقد لاذع للحركات الإسلامية التي أخطأت الطريق. الإسلام “دعوة” وليس “انقلاباً” .

الخطر يكمن في رفع “راية الإسلام” كذريعة، كما فعل صدام حسين الذي كان في حقيقته عدواً للإسلام .

أخطأ الإخوان المسلمون حينما تحولوا من دعوة تسعى للناس بالحسنى إلى جماعة سرية تسعى للحكم بالقنابل .

الإسلام لا يأتي على ظهور الدبابات كما حدث في السودان .

الغزو الجديد: الديمقراطية والسوق والثقافة

يحذر الكتاب من “دين جديد” يسعى الغرب، بقيادة أمريكا، لفرضه على العالم، وهو “الديمقراطية وحقوق الإنسان” . الإسلام هو العدو الأول المرشح للزوال في هذا المخطط .

ولتبرير هذا، يتم تصنيع “نماذج مخيفة” للإسلام:

  1. أفغانستان: حيث يتقاتل القادة الإسلاميون (حكمتيار ورباني) فيما بينهم بالصواريخ .
  2. الجزائر: حيث استخدمت الجبهة الإسلامية للإنقاذ الديمقراطية للوصول للحكم ثم أعلنت أن “الديمقراطية كفر” .
  3. الإرهاب: حيث يُلصق لقب “إسلامي أصولي” بكل من يفجر القنابل .

يفضح النص نفاق هذا “الدين الجديد”؛ فعندما أحرق يلتسين برلمان روسيا، هلل الغرب وأيده لأن خراب روسيا وافق هواهم . وعندما قُتل مائتا ألف مسلم في البوسنة، صمت الجميع .

هذا الغزو ليس سياسياً فقط، بل هو غزو متعدد الأوجه:

الغزو الاستخباراتي: الغزو الآن لا يحتاج لجيوش، بل يتم عبر “الموساد” و “CIA” ، وعبر صندوق النقد الدولي، والحاجة إلى القمح . الهدف الأمريكي الإسرائيلي هو تكرار سيناريو العراق: ضرب ترسانة إيران (باستخدام أيدٍ عربية) كما تم تدمير ترسانة العراق، لضمان التفوق الإسرائيلي المطلق .

الغزو الاقتصادي (السوق الشرق أوسطية): يُنظر إلى مشروع السوق الشرق أوسطية مع إسرائيل كـ “مقامرة” . إنها منافسة غير متكافئة بين “فريسة وصياد” . فمصر تعاني من مناخ علمي متخلف وبيروقراطية قاتلة ، وتعتمد على خبرة زراعية إسرائيلية أدت لظهور “خيار بطعم البلاستيك ودجاج بطعم القطن الطبي” .

الغزو الثقافي (الغزاة الجدد): الشوارع المصرية امتلأت بأسماء المحلات الأجنبية (فرنسية وإنجليزية) ، ولم يبق للأصالة مؤشر سوى المساجد .

الغزو المعاكس (الغزو من الداخل): في المقابل، ظهر هوس “التدين الشكلي” (النقاب، القفازات، العباءات السوداء) . هذا الشكل من التدين هو أيضاً “أجنبي عنا وعن إسلامنا” وهو سلاح “لغزو الإسلام من داخله” .

المسلمون في الخندق

يُطرح تساؤل عميق حول إخفاق الحركات الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين في مصر ، والنهضة في تونس ، والجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر ، في الوصول إلى السلطة. ويبدو أن الإرادة الإلهية تفضل أن يحكم الإسلام ضمائر الناس كاختيار حر ، وليس كقالب اجتماعي مفروض بالقوة أو بانقلاب عسكري . إن الإسلام في جوهره “دعوة” وليس “ثورة” ، وقد أخطأت هذه التنظيمات حينما تحولت من الدعوة الحرة إلى التخطيط السري العنيف للوصول إلى الحكم . إن كراسي السلطة هي قبس من جهنم ، تمسخ النفوس وتغيرها، ويجلس عليها اليوم حكام الغرب (مثل كلينتون وميتران وميجور) الذين يوقعون مراسيم الظلم والقهر على العالم، كما يتجلى في سماحهم بضرب سراييفو .

اعرف عدوك

لفهم هذا الواقع، يجب “معرفة العدو” . هناك قاعدة عالمية جديدة: محظور على أي بلد إسلامي أن يمتلك القوة للدفاع عن نفسه . فباكستان تُهدد إن حاولت شراء صواريخ ، وليبيا تُضرب لمجرد شبهة ، والعراق يُدمر يومياً ، وإيران تُحاصر . وفي المقابل، تملك إسرائيل رخصة مفتوحة للعدوان وتكديس الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية بدعم أمريكي كامل .

لا تفسير لهذا سوى مخطط لإعطاء المنطقة العربية، ببشرها و”بقرها”، “شقة تمليك” لإسرائيل . بل إن المخطط قد يصل إلى حد ضرب رأس الإسلام (الكعبة والحرم النبوي والأقصى) لكسر عين المسلمين نهائياً ، وهو ما يوافق أحلام أهل التلمود . هذا ليس هذياناً، فالأفعال الإجرامية والسافلة تحدث بالفعل في الصومال ولبنان ، وقد حاولوا حرق الأقصى من قبل .

الجهاد الحقيقي في الزمن الرديء

في ظل هذا الواقع، يعيش المسلمون اليوم في “خندق” ، تماماً كـ “معركة الأحزاب” القديمة . ولكن “الجهاد” المطلوب الآن ليس بالضرورة إعلان الحرب على إسرائيل، فهذا هو بالضبط ما تريده إسرائيل وتستدرجنا إليه . إن إسرائيل تملك تفوقاً ساحقاً ودعماً دولياً كاملاً ، وأي حرب ضدها الآن هي حرب ضد أمريكا ذاتها .

إن الجهاد الحقيقي في هذا الزمن الرديء هو:

  • الصبر والمصابرة .
  • بناء القوة الذاتية وتنمية الاقتصاد وإصلاح التعليم .
  • الجهاد الدبلوماسي لفتح نوافذ مع الصين والدول الآسيوية والتنسيق مع إيران .
  • الجهاد الأخلاقي وإصلاح الحال مع الله .

إن معنى الجهاد واسع، كما علّمنا النبي في قصة الرجل الذي أمره بـ “الجهاد” في أمه ورعايتها . الوقت الآن ليس وقت السلاح ، والاستراتيجية الصحيحة هي “لا تعطوا إسرائيل سلاماً ولا حرباً ولا سوقاً شرق أوسطية ولا أمناً ولا أماناً” ، مع استمرار المقاطعة .

الغزو الاقتصادي الجديد

إن “الإسلام معطل” . ويظهر هذا جلياً في اتفاق “غزة أريحا” الهزيل . لقد رفض الفلسطينيون ما جلبه لهم السادات (الذي اغتالوه واعتبروه خائناً) ، ليقبلوا اليوم بأقل القليل وهم في حضيض الانكسار . هذا الاتفاق يحول الفلسطينيين إلى حراس أمن لإسرائيل، ليقوموا بـ “تصفية بعضهم البعض” بالنيابة عنها .

هذا الاتفاق هو مظهر لاستراتيجية إسرائيلية جديدة: الانتقال من حلم “إسرائيل الكبرى” العسكري إلى “الهيمنة الاقتصادية” . لقد أدركت إسرائيل أن ترسانتها النووية أصبحت “حماقة” و “طيشاً سياسياً” لا يمكن استخدامها، لأنها سترتد عليها وستجعل العالم كله ضدها .

لهذا، هم الآن بحاجة ماسة للسلام لاقتحام الأسواق . وهذا هو “الغزو الجديد” القادم: الغزو الاقتصادي الإسرائيلي . وهو غزو ذو وجهين:

  1. الوجه الظاهر: سلام وتطبيع وسوق شرق أوسطية .
  2. الوجه الخفي: إغراق مصر والسعودية بالمخدرات (هيروين وكوكايين) ، وضرب السياحة والاستثمار في مصر بالتفجيرات وحرق المصانع .

يجب التعامل مع هذا العالم بمنطق رعاة البقر: “يد تصافح واليد الأخرى على المسدس” .

لماذا المسلمون متخلفون؟

لقد ظل الإسلام معطلاً لمئات السنين ، ليس بسبب الإسلام نفسه، بل لأن المسلمين فهموه فهماً خاطئاً:

  • الفهم الأول (التواكل): فهموه على أنه سلبية وخضوع واستسلام للظروف والظلمة باعتباره “قدر الله” .
  • الفهم الثاني (الجمود): فهموه على أنه تجمد على النصوص والألفاظ، وتحجر على “سلفية محدودة”، فدخلوا “كهفاً حياتياً” باختيارهم .

لقد قرأ المسلمون القرآن “بعيون الموتى” ، مع أنه كتاب “حركة وعمل” يأمر بـ “السير في الأرض” . لقد كان السلف الأوائل (كابن خلدون وابن بطوطة والإدريسي) أهل حركة وبحث وسفر . فلماذا اقتصر فهم اليوم على الشكليات كـ “اللحية وتقصير الثوب والسواك والنقاب”؟ .

المواجهة القادمة مع الغزو الاقتصادي الإسرائيلي لن ينفع فيها “إسلام اللحى والجلابيب” . المطلوب هو “إسلام العلم وتشمير السواعد ومضاعفة الإنتاج وتجويد الصنعة وإتقان قواعد اللعبة” .

يد تمتد بالسلام.. والأخرى على الزناد

يطرح هذا الجزء تحليلاً معمقاً للاستراتيجية الإسرائيلية المزدوجة . ففي الوقت الذي تُظهر فيه إسرائيل قدرة فائقة على التلاعب بحلفائها، وخاصة الولايات المتحدة، للحصول على أحدث الأسلحة (مثل “السوبر كومبيوتر”) ومليارات الدولارات كـ “تعويضات” ، فإنها تقدم “سلاماً” لا وجود له على الأرض؛ إذ يستمر القتل ونسف البيوت . وفي المقابل، يهرول العرب المنقسمون بفعل الأحقاد نحو “سوق شرق أوسطية” ، فيما يشبه مشهداً كاريكاتورياً للذئب الذي يجمع الحملان طوعاً . إن هذا التكديس الهائل للسلاح يطرح سؤالاً بديهياً: إذا كانت إسرائيل تريد السلام، فلماذا كل هذه الترسانة النووية والكيماوية والبيولوجية؟ .

الجواب يكمن في تحديد “العدو الجديد”. إن خطاب السلام، حتى على لسان “المسالم” رابين، يترافق مع خلق عدو بديل هو “الأصولية الإسلامية” . يتم تصوير الإسلام كخطر وجودي على الحضارة الغربية، وإسرائيل هي الدرع الواقي . هذه “فرية” ، مثلها مثل مساواة المسيحية الحقة بجماعة “الكلوكلوكس كلان” ، وهي تُستخدم لتبرير حصار أي تحرك إسلامي في أي مكان . بل يُلمح إلى أن المخابرات الغربية والإسرائيلية قد تكون هي المحرك الحقيقي خلف بعض التفجيرات التي تتم باسم الإسلام، لإيجاد المبرر لضربه .

يظهر هذا النفاق في مواقف، مثل استقبال الرئيس كلينتون لسلمان رشدي، الذي سب الإسلام، في حين أنه لن يخصص دقيقتين لمقابلة شيخ الأزهر . في ظل هذا الواقع، لا بد أن تكون الاستراتيجية العربية هي المعاملة بالمثل: “المصافحة بيد، واليد الأخرى على الزناد” .

إن السلام المزعوم لن يدوم أكثر من سنوات قليلة قبل أن يظهر “زعيم مجنون” جديد يستخدم هذه الترسانة. إن ما يخشاه الغرب وإسرائيل ليس شكليات التدين (كاللحى والبراقع) ، بل “روح” الإسلام والقرآن نفسه الذي ينتشر بقوة ذاتية . الصراع في جوهره هو صراع على الأرض والسيادة ، وتُستخدم أدوات الغزو الثقافي (كالأقمار الفضائية والجنس) كحبائل لتخدير المنطقة.

انحلال وكوكايين وفساد داخلي

لا يقتصر الخطر على الخارج، بل يمتد إلى غزو ثقافي داخلي مدمر . يُنتقد المسلسل الأمريكي “الجريء والجميلات” بشدة، حيث يُنظر إليه كسلاح ناعم يبث السم ببطء.

  • إنه ليس بريئاً، بل يقدم جرعات من الانحلال المبرمج .
  • يعمل المسلسل على تطبيع الخيانة الزوجية والانحرافات، لدرجة التحضير لقصص مستقبلية تتضمن زنا المحارم (حمل البطلة من أبيها) .
  • الهدف هو جعل الفضيلة والعفة والطهارة قيماً رجعية ومتخلفة .
  • من الخطأ الظن أن هذا الفن يواجه التطرف الديني، بل هو في الحقيقة “يستفزه” .

إن ثقافة أمريكا الحالية هي ثقافة منحلة في نهاياتها، يقودها رموز مثل شوارزنجر (العنف المطلق)، ومادونا (الجنس الفاحش)، ومايكل جاكسون (الشذوذ والعبث) . لقد أصبح التلفزيون هو “مسيخ دجال” هذا الزمان ، وهو الذي يتولى تربية الأبناء بدلاً من الآباء .

يترافق هذا الغزو الثقافي مع فساد داخلي مريع. يُطرح سؤال مباشر لوزير العدل: لماذا لم تُنفذ 35 حكماً بالإعدام صادرة ضد تجار مخدرات؟ . إن القانون يتيح تنفيذها حتى بدون تصديق الرئيس .

  • هل قاتل جيل بأكمله بالمخدرات أهون في نظر العدالة من قاتل فرد واحد؟ .
  • هذا التهاون يهدد بتحويل مصر إلى “دولة مافيا” على غرار كولومبيا وإيطاليا .
  • الأخطر أن سيل المخدرات هذا (حشيش وأفيون وكوكايين) يأتي الآن من سيناء، من عند “الحبايب الجدد”، تحت حماية إسرائيلية واضحة ، كجزء من “ضرائب الصداقة” والتطبيع .

إن التحدي الحقيقي الذي يواجه المستقبل ليس إسرائيل، بل “المناخ الاجتماعي الفاسد” و”البيروقراطية العفنة” وجيش الموظفين الكسالى الذين يبتزون الناس بالرشاوى .

الإسلام الغائب في عصر الجنون

إن النفاق الغربي صارخ وفاضح. العالم الذي يعاقب الصين على أحداث “ميدان تيان آن من” ، هو نفسه الذي بارك لبوريس يلتسين (المدعوم من كلينتون وفرنسا وبريطانيا) وهو يحرق برلمانه ويقطع الماء والكهرباء عن النواب . إنهم يطبقون الديمقراطية وحقوق الإنسان “بمكيالين”، فهم يتحولون إلى أسود ضد العراق وليبيا ، ولكنهم “عمي صم بكم” عن مذابح المسلمين في البوسنة .

هذا الجنون هو السائد عالمياً ، و”الإسلام غائب” عن هذه المعركة. نرى مشاهد سريالية من هذا الجنون:

  • المخابرات الأمريكية (CIA) تمول العسكريين في هايتي الذين تطالب أمريكا علناً بإسقاطهم .
  • قوات الأمم المتحدة التي أُرسلت لنجدة مسلمي البوسنة، تقوم باختطاف النساء البوسنويات واغتصابهن .
  • حكام مسلمون (كسلطان بروناي) يشترون الفنادق الفاخرة في بيفرلي هيلز ولندن بينما يُغتصب المسلمون وتُحرق أطفالهم .
  • “المجاهدون” في أفغانستان (حكمتيار ورباني) يقتلون بعضهم البعض الآن بأموال أجنبية .
  • أعظم ما وصل إليه العلم (الأقمار الصناعية) يُستخدم لبث أفلام العري والفحش والمباشرة الجنسية .

لقد كان الظلم موجوداً في العالم منذ قابيل وهابيل ، لكن الفرق اليوم هو “الحجم” (فالقنبلة الذرية تقتل 150 ألفاً في لحظة) و”السرعة” (فالظلم يهاجمنا من كل مكان في ذات اللحظة عبر الشاشات) . في هذا العصر المضطرب الذي يتزلزل فيه كل شيء، لا نجاة من الجنون ولا حافظ للعقل سوى اللوذ بالله والتمسك بالإيمان و”الصبر الجميل” .

وغداً تذهب السكرة وتأتي الفكرة

يشهد العالم انهيار الإمبراطورية الروسية ، في مشهد يسبقه ترقب لنهوض قوى جديدة، وعلى رأسها الصين التي توشك أن تكون القوة الثانية في العالم. وفي خضم هذا التحول، تتحول منطقة الشرق الأوسط إلى مسرح لحروب بالوكالة وصراعات مصطنعة، الهدف منها استنزاف وتدمير السلاح الإسلامي، سواء في العراق أو إيران، وذلك كجزء من خطة مستمرة لإعادة تدمير المنطقة ثم إعادة إعمارها في دورة لا تنتهي من التربح على حسابها.

إن ما يجري هو جزء من مؤامرة كبرى تتكشف خيوطها في أفغانستان، حيث مولت المخابرات الأمريكية (CIA) شبكات معقدة، بالاعتماد على أموال المخدرات ومساعدات إسرائيلية ومصرية، لإنشاء نشاط معادٍ لإيران، وهو ما خلق التطرف الذي يدعي العالم محاربته اليوم. ويتجلى هذا الصمت المتآمر في المأساة الفظيعة في سراييفو، حيث يُترك المسلمون المحاصرون ليموتوا في صمت تحت قصف لا يتوقف.

الانحراف عن جوهر الإسلام

لا يمكن إلقاء اللوم كاملاً على الغرب، رغم تآمره ونفاقه الفاضح في ملفات مثل تسليح صدام حسين سراً ، ثم التآمر لإسقاطه، أو فرض حظر السلاح على مسلمي البوسنة بينما يرث الصرب ترسانة الجيش اليوغوسلافي بأكملها. إن المسلمين أنفسهم “متخلفون وجهلة” ويتحملون وزر فشلهم.

لقد حدث الانحراف حينما ابتعد المسلمون عن جوهر دينهم. لقد نسوا أن الإسلام دين “عمل” وليس “تواكلاً” ؛ فالتسليم الحقيقي لا يعني السلبية، بل يسبقه الأخذ بالأسباب، كما في مقولة “اعقلها وتوكل”. الإسلام هو دين العقل والفكر، والقرآن مليء بالأوامر التي تحض على ذلك:

  • “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ”.
  • “قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ”.
  • “قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ”.

لقد كانت أولى آيات الوحي “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ” ، وهو أمر صريح بطلب العلم. لكن المسلمين انحرفوا عن هذا المسار حينما تبنوا أيديولوجيات مستوردة كالماركسية والعلمانية ، وغرقوا في ثقافة الاستهلاك ، مما أفقدهم هويتهم ولغتهم تحت وطأة “الغزو الفكري والثقافي”.

ما هو الإسلام الحقيقي؟

خلافاً للتصورات الشائعة، فإن الإسلام ليس حزباً سياسياً أو جماعة تستخدم الدين للوثوب على السلطة ، وهو ليس فكراً انقلابياً عنيفاً. الإسلام في جوهره هو “دعوة” و “تبليغ وبيان” ، ومحوره هو “تحرير الإرادة الإنسانية”.

إن المفهوم الحاكم في القرآن ليس “الأمة” أو “الوطن” أو “القومية”، بل هو “الفرد”. الفرد هو وحدة الوجود الأساسية، وهو وحده من سيحاسب أمام الله: “وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا”.

  • الأخلاق الإسلامية، كقصة المرأة التي سقت كلباً فغفر الله لها ، ليست أخلاقاً “برجماتية نفعية” كما هي عند الإنجليز والفرنسيين ، بل هي أخلاق خالصة لوجه الله.
  • عندما يطغى الفساد ويتفاقم الشر في المجتمع، يصبح “الاعتزال” (الانعزال) أمراً محموداً. هذا ما فعله “أصحاب الكهف” حينما اعتزلوا قومهم وما يعبدون ، وهو ما فعلته السيدة مريم ، وهو ما أوصى به النبي في آخر الزمان.
  • هذا الانعزال يمارسه اليوم أهل الفن الشرفاء الذين يضطرون لـ “اعتزال” السينما بعد أن تحولت إلى أداة إفساد تروج للانحلال والمخدرات والعبثية

الخيانة الكبرى: القتل باسم الدين

إن أسوأ خيانة للإسلام هي القتل باسمه. إن حرمة دم المؤمن أشد عند الله من هدم الكعبة نفسها. الجماعات التي تفجر القنابل وتقتل المدنيين والأطفال ، وتدعي أنها تقاتل في سبيل الله، هي في الحقيقة صنيعة أعداء الإسلام.

إن جماعات مثل “جماعات بيشاور” وقادتها كـ “حكمتيار” ، هم عملاء تم تمويلهم بملايين الدولارات من المخابرات الأمريكية كجزء من مؤامرة عالمية لتشويه صورة الإسلام من الداخل.

ساعة الخلاص ومستقبل مصر

في خضم هذا الظلام، يأتي صوت المتكلمة من البوسنة: “كنت المتكلمة من البوسنة.. زوجي وأولادي قتلوا.. وجيراني وإخوتي تشردوا.. وبيوتنا أصبحت كومة تراب”. هذه المذبحة ليست مجرد عدوان، بل هي “ابتلاء للعالم كله” ، وهي ساعة “لفضح النيات الخافية” للحضارة الغربية التي تتشدق بحقوق الإنسان.

إن “ساعة الخلاص” آتية ، والوعد الإلهي بظهور الإسلام “عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ” هو وعد حق، وهو ليس بالضرورة نصراً عسكرياً بالعنف، بل هو نصر شامل للمبادئ والحقائق.

وفي قلب هذه التحولات، تبرز مصر. إن الفتنة الطائفية المشتعلة فيها ليست طبيعية، فالكنيسة المصرية الوطنية تختلف عن مسيحية الغرب، وقد وقفت تاريخياً مع المسلمين ضد الصليبيين. ما يحدث اليوم هو “فتنة” مصطنعة ممولة من الخارج بهدف “تفتيت” مصر.

إن النصر الحقيقي للإسلام ليس في القتل، بل في انتشاره الفكري الهادئ. إن معجزة الإسلام الحقيقية هي أن مفكرين غربيين مثل مراد هوفمان وجارودي يعتنقون الإسلام ويكتبون كتباً مثل “الإسلام هو الحل البديل”. هذا الانتشار القائم على القوة الذاتية، بينما يتقاتل المسلمون فيما بينهم، هو الدليل على غلبته الحتمية. وستبقى مصر “مهبط الرسالات وكعبة التوحيد” ورمزاً للتسامح والسلام.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

WhatsApp
Copy link
URL has been copied successfully!